تُغطي الرمال مساحة تتراوح ما بين 10% و 20% من الأراضي الصحراوية. وما تبقى من الأرض معظمه مرتفعات مفروشة بالحصباء والصخور وغيرها، وكلها تربة لاتساعد على انتشار الحياة النباتية إلا في حدود ضيقة، لأنها جافة، إلا أن بعضـًا من هذه التربة غني بالملح واليورانيوم ومعادن أخرى، بالإضافة إلى الموارد الجوفية كالنفط والغاز الطبيعي.
كما تتكون الأراضي الصحراوية من أنواع مختلفة أحدثتها التآكلات وعوامل التعرية التي أثرت في التربة وتصريف المياه بوساطة الوديان الجافة ويسمونها الغدير. وتمتلئ بماء الأمطار في وقت سقوطها على الجبال وتنحدر على السفوح، وتحمل المياه إلى الأسفل جميع الرواسب من حصباء وصخور ورمال، ومنها تتكون كتل من الوحل على شكل مروحة يسمونها مروحة طميية. وتتكون كذلك تلال مستوية وهضاب مستوية السطح تسمى ميسا، كما تبرز تلال منعزلة شديدة الانحدار وتسمى بوتس، وبعد سقوط الأمطار تحمل الجداول الجبلية المياه والأملاح إلى بطون البحيرات المالحة، حيث يتجمع ويتبخر بعضه، وينصرف جزء منه على سطح الأرض، وتبقى الأملاح متراكمة في القاع.
صورة للصحاري
تغطي الأراضي الصحراوية أكوامًا من الرمال، مما تشكله الرياح، وتسمى كثبانًا، وقد ترتفع قمم هذه الكثبان إلى 250م، وتتبدل أشكالها دومـًا بسبب تأثير الرياح العاتية.
وعلى امتداد الصحراء تتكون الواحات، وأكثرها مناطق خصبة، وتجري تحتها العيون والجداول وإلى جانب الواحات الطبيعية يقيم الإنسان واحات صناعية عن طريق عمليات الري ويتفاوت معدل الأمطار السنوي الذي يبلغ 250 ملم، فوق الأراضي الصحراوية من عام لآخر. فقد يتوقف المطر لعدة سنوات، ثم ينزل بغزارة، وذلك في بضع ساعات فقط ـ فلا تستطيع النباتات الصحراوية الاستفادة من هذه الكميات الوافرة من الماء دفعة واحدة، حيث تأخذ مايكفيها من الماء، وينساب الباقي على سطح الأرض، حاملاً معه رواسب القشرة العلوية للتربة.
المناطق الصحراوية أشد مناطق العالم حرارة، لأنها تمتص حرارة الشمس أكثر من أي مكان آخر، ففي الصيف كثيرًا ما ترتفع حرارة النهار في الصحراء إلى 38° م ثم تنخفض خلال ساعات الليل إلى 25°م، وفي فصل الشتاء تعتدل الحرارة وتتراوح ما بين 10° و21°م.
الحياة في الصحراء
النباتات الصحراوية
تتأثر النباتات الصحراوية هنا وهناك طيلة الفترات الجافة، وتسعى للحصول على شيء من الماء القليل المتوافر في أماكن وجوده، ثم لاتعيش منها سوى بعض النباتات التي أخذت كفايتها من الماء، ولذلك تكون الثغرات واسعة بين نبتة وأخرى، وتذبل النباتات التي لم تحصل على الماء الكافي.
تمتص بعض النباتات الماء من المياه الجوفية، ففي أمريكا مثلا، يوجد شجر المسكيت الذي يمتص الماء على عمق 12 م، تحت الأرض، وأشجار أخرى تختزن كميات من الماء في أوراقها وجذورها وجذوعها، مثل نبات الصبار ليحتفظ بماء الأمطار فينتفخ ساقه، فإذا جف الماء منه يتقلص وينكمش. وتبقى بعض النباتات يانعة بعد هطول الأمطار لفترة قصيرة بفضل الماء المخزون في أوراقها وجذوعها. تستهلك الأوراق كثيرًا من الماء. فإذا سقطت يتوافر الماء للجذع، وهناك أشجار أخرى لها أوراق دقيقة جدًا، فلا تستهلك إلا قليلا من الماء المتوافر في الجذع، وتبقى النبتة يانعة بين موسمين من الأمطار. وبعد سقوط الأمطار، تتفتح الأزهار بألوانها الزاهية، وتورق الأشجار وتخضر، فتصبح مساحات الصحراء جميلة، ثم لاتلبث الأزهار أن تذبل بعد توقف الأمطار .
كثير من أنواع النباتات والحيوانات تعيش في الأقاليم الصحراوية. وتوضح الصورة بعض النباتات والحيوانات التي تعيش في الصحاري. وقد طورت هذه الكائنات الحية طرقًا مختلفة للبقاء رغم الحر الشديد وطقس الصحراء الجاف.
الحيوانات الصحراوية
تشتمل الحيوانات الصحراوية على عدد كبير من الحشرات والعناكب والزواحف والطيور والثدييات. كما تفد إلى الصحراء، بعد سقوط الأمطار، حيوانات برية مثل الأيائل حيوانات ساكنة. أما الحيوانات الضخمة فتلجأ إلى الأماكن الظليلة طوال النهار فتبرد أجسامها، إذ يتبخر الماء فوق جلودها، ويعوض بماء آخر من المأكولات التي تتغذى بها، وتضاف إليها مياه أخرى إذا وجدت في بعض المنخفضات، وكذلك فإن عملية الهضم تضيف الماء في جسم بعض الحيوانات مثل الإبل التي تستفيد من هذا المصدر المائي المهم، فيستطيع الجمل البقاء بدون ماء لعدة أشهر. كما أن للجمل مصدرًا آخر لتوليد الطاقة في جسمه، حيث إن سنام الجمل مستودع لكميات كبيرة من الشحم، وباستطاعته أن يعيش على هذه الطاقة إذا جف جسمه من الماء الضروري.
تطور الصحراء وتغيرها
الري يوفر الماء الضروري لنمو المحاصيل في الصحراء. ويمكّن مشروع الري في الصحراء الليبية المزارعين من زراعة الفصفصة بأراضيهم. تقع معظم الأراضي الصحراوية ما بين دائرتي عرض 15°و 35° شمال وجنوب خط الاستواء، أي في مناطق الضغط الجوي المرتفع، حيث تهب الرياح باردة ثم تدفأ. وتتكون مناطق الضغط المرتفع بحركة الرياح فوق الأرض، فالهواء الدافئ ينبعث من خط الاستواء ويهب شمالاً وجنوبًا. وكلما ارتفع الهواء قلّت درجة حرارته، وتتساقط منه قطرات الرطوبة فوق المناطق المجاورة لخط الاستواء. فإذا بلغ الهواء مستوى دائرة عرض 15° شمالاً أو جنوبـًا، يأخذ في الهبوط فيسخن من جديد، وهكذا تتكون حالات الجفاف في الصحراء.
وتميل إلى حالة الجفاف أيضـًا كل المناطق التي تفصلها المرتفعات عن شاطئ البحر، ذلك لأن الرياح التي تهب من البحر تفقد رطوبتها، كلما ارتفعت فوق القمم، فتبرد ثم تنخفض على سفح الجبال نحو الأراضي الداخلية، وكلما انخفضت ارتفعت درجة حرارتها، ومن ثم تجف. ومن هذا الهواء الدافئ الجاف يتكون ظل المطر وهو منطقة جافة، ويعتقد العلماء أن الأراضي الصحراوية في أمريكا الشمالية تكوّنت من أراضٍ مماثلة قبل آلاف السنين، ومنذ ذلك العهد الغابر لم يحدث أي تغيير في العوامل الطبيعية المكونة للصحراء.
إلا أن يد الإنسان عملت على انتشار هذه المناطق. حيث تسببت في إتلاف الملايين من المساحات الزراعية سنويا ـ وكلها من الأحزمة الخصبة المتاخمة للأراضي الصحراوية ـ وذلك نتيجة عدم الاهتمام بخدمة الأرض، وقطع الأشجار، والرعي الجائر، وفتح المناجم. وقد اتخذت بعض الإجراءات لوضع حد لإتلاف التربة الخصبة وزحف الصحراء عليها واسترجاع ما تلف منها، ومن بين هذه الإجراءات، غرس الأشجار في الأراضي القاحلة للحد من تأثير الرياح التي تتسبب في زحف الرمال على التربة، ومن ثم تحويل مجرى الرياح عن المحاصيل الزراعية، واتّباع أفضل الأساليب في زراعة الأرض، وكذلك تقليل المراعي حول الأراضي القاحلة. وكل هذه إجراءات فعالة لوقف زحف الصحراء على الأراضي الزراعية.
الإنسان و الصحراء
المناطق الصحراوية يصعب العمران فيها, إلا أن بعض الناس تأقلموا على الحياة تحت الحرارة المستمرة، والجفاف الدائم. ففي أمريكا الشمالية يستعمل السكان في المناطق الصحراوية ـ وهم من الهنود والمكسيكيين ـ اللَّبِن والطين لبناء بيوتهم، فتمنع عنهم حرارة القيظ. وكذلك يفعل سكان المناطق القاحلة في شبه الجزيرة العربية. سكانها تأقلموا على تلك الظروف القاسية يطلق عليهم في الوطن العربى البدو.
ومعظم سكان الصحراء في إفريقيا وآسيا رعاة يتنقلون من مكان لآخر، بحثـًا عن الماء والكلأ للماشية. ويسكنون الخيام ويلفون أجسامهم في ثياب طويلة تقيهم حرارة الشمس المحرقة ولفحات الزوابع الرملية.
وفي مناطق صحراوية أخرى أصبح الناس يستعملون أجهزة التكييف في بيوتهم، ويعتمدون على حفر الآبار للسقي، مما سهل عليهم تحمل الحياة في البيئة الصحراوية.
سبب حرارة الصحراء
على الرغم من أن المناطق الصحراوية لا تتلقى كمية من أشعة الشمس تفوق كثيرا ما تتلقاه المناطق المعتدلة، إلا أن غياب الغطاء النباتي والغيوم يسبب ارتفاع درجة الحرارة في المناطق الصحراوية بشكل أكثر من المناطق المعتدلة. حيث أن الغطاء النباتي والغيوم يسهمان في عكس جزء من أشعة الشمس وحرارتها إلى الفضاء مرة أخرى، مما يسبب انخفاض درجة الحرارة بشكل نسبي، وهو ما لا يحدث في المناطق الصحراوية. في المقابل نجد أن الصحاري تفقد هذه الحرارة التي اكتسبتها خلال النهار بشكل أسرع من المناطق الأخرى، فتفاوت درجات الحرارة بين الليل والنهار أكبر منه في المناطق الأخرى، والسبب في ذلك هو نفسه السبب في ارتفاع درجات الحرارة نهارا، أي غياب الغطاء النباتي والغيوم، واللذان يتسببان في إعاقة تسرب الحرارة إلى الفضاء أثناء الليل. وبسبب فقر الصحاري إلا هاذين العاملين نجد أن الحرارة تنخفض بسرعة في الليل.