مدرسة العفوص الثانوية
يا مرحبا بك عزيزي الزائر تراحيب المطر نسعد بزيارتك
يشرفنا ان تنتسب الى منتدانا
مع تحيات المدير التنفيذي للمنتدى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مدرسة العفوص الثانوية
يا مرحبا بك عزيزي الزائر تراحيب المطر نسعد بزيارتك
يشرفنا ان تنتسب الى منتدانا
مع تحيات المدير التنفيذي للمنتدى
مدرسة العفوص الثانوية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مدرسة العفوص الثانوية

منتدى ثقافي تعليمي

مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
» استغفااااار
بحث عن الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين I_icon_minitimeالإثنين أبريل 30, 2012 2:32 am من طرف زائر

» آسمآء الله معَ معآنيهإ
بحث عن الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين I_icon_minitimeالإثنين أبريل 30, 2012 2:28 am من طرف زائر

» اكـــــــــــــــــــثر من107طريقة مساعدة لقيام الليل
بحث عن الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين I_icon_minitimeالإثنين أبريل 30, 2012 2:24 am من طرف زائر

» طريق التفوق والنجاح
بحث عن الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 01, 2012 5:23 am من طرف زائر

» فضل الدعاء
بحث عن الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 01, 2012 5:13 am من طرف زائر

» كلآم في قمة الروعه
بحث عن الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 01, 2012 5:08 am من طرف زائر

» الزلآزل والبرآكين
بحث عن الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 01, 2012 5:03 am من طرف زائر

» الفرق بين المُناخ والمَناخ
بحث عن الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 01, 2012 4:59 am من طرف زائر

» المنآخ وراحة الانسان
بحث عن الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 01, 2012 4:55 am من طرف زائر

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

تصويت
الذكاء اللفظي

الأحد يناير 09, 2011 11:50 pm من طرف أ/عوض العمري


كيف تكون عبقريا..الذكاء اللفظى


أخي القارئ : أنت عبقري بالفعل ولكن المشكلة أنك لا تستغل ذكائك وقدراتك الذهنية التي أعطاها الله إياك. لقد أوضحت الدراسات العلمية أن الناس يعتمدون فقط على 10% أو أقل من الموارد العقلية لديهم …

[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 0

رسائل إلى ذاتـك

الإثنين ديسمبر 27, 2010 10:32 pm من طرف أ/عوض العمري

--------------------------------------------------------------------------------

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
رسائل إلى ذاتـك
هناك الكثير من الناس ينظفون بيوتهم ومكاتبهم ، كذلك سيكون هناك أناس كثيرون ينظفون عقولهم من الأفكار السلبية ليعيشوا حياة …

[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 1

كيف تذاكر , كيف تتفوق , كيف تنظم وقتك , 10 ملفات ( لتفيدك في الإختبارات )

الإثنين ديسمبر 27, 2010 9:36 pm من طرف أ/عوض العمري

كيف تذاكر , كيف تتفوق , كيف تنظم وقتك , 10 ملفات ( لتفيدك في الإختبارات )

كثير من الطلاب يعجز عن المذاكرة . ويعجز عن تنظيم وقتـه للأفـضل .. ~
شاهدت ملفا في النت , وأخذت منه مقتطفات بسيطه تُفيد الطالب بإذن الله في المساعدة في …

[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 1

ادخل لتعرف شخصيتك

الإثنين ديسمبر 27, 2010 10:09 pm من طرف أ/عوض العمري

تعاليق: 1

مهارات توليد الأفكار

الثلاثاء ديسمبر 28, 2010 2:33 am من طرف أ/عوض العمري

تولد الأفكار في لحظات خاطفة وقد تتلاشى من مخيلتك إلى الأبد ما لم تسارع بتدوينها، قد تظهر الأفكار المثمرة في أغرب الأوقات ولن تبزغ هذه الأفكار دائما وأنت تعالج المشكلة المتعلقة بها، ولكن قد تواتيك ومضة من الاستبصار في …

[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 1

مجلة ايجابي

الجمعة ديسمبر 17, 2010 7:16 am من طرف أ/عوض العمري

تعاليق: 0

النجاح الشخصي في خطوات رائعة

الجمعة ديسمبر 17, 2010 6:37 am من طرف أ/عوض العمري

لا أحد يصبح ناجحا” بالصدفة لأن النجاح يحتاج إلى وضع خطة والإلتزام بها،إنها مسألة بسيطة لكنها تحتاج منا إلى تطوير صفات النجاح وأهمها صفات الإلتزام والإنضباط الذاتي والعمل الجاد .(Commetment,Self Dicipline and Hard Work )،و لدي خبر سعيد …

[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 0

افكار صغيرة لحياة كبيرة

الجمعة ديسمبر 17, 2010 6:15 am من طرف أ/عوض العمري

1- قلمك صياد
الأفكار رزق من الله يسوقه إليك وليس من العقل والذكاء التفريط فى هذا الرزق فرب فكرة زارتك اليوم جاء
أوان تنفيذها بعد سنين فإذا لم تكن ساكنة فى دفتر يقيدها فربما جاء أوان ما ذهب وضاع تفصيله
بدأ الكاتب بهذه …

[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 0

محن ومنح http://www.ejabie.com/site/?p=208

الجمعة ديسمبر 17, 2010 6:02 am من طرف أ/عوض العمري

أن تكون فقدت شيئا لا يعني أنك فقدت كل شئ ..
فـ فقدانك شئ لا يعني ان حياتك انتهت
فـ هو ورقة واحدة من اشجار حياتك التي لا تموت
او قطرة واحدة من بحرك الذي لا ينضب
أو شعاعا من شمسك الساطعه التي تعطي بلا حدود
اذا فقدت شيئا واحدا …

[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 0

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط afos على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط مدرسة العفوص الثانوية على موقع حفض الصفحات


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

بحث عن الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين

3 مشترك

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

حسن عبدالله


عضو جديد
عضو جديد

بسم الله الرحمن الرحيم

المملكة العربية السعودية




مختصر عن فتوحــات الخليفة الراحل والخالد ذكره عثمان بن عفان 




الفتوحات في عهد عثمان بن عفان 

المبحث الأول
فتوحات عثمان في المشرق
****: فتوحات أهل الكوفة: أذربيجان 24 هـ:
كانت مغازي أهل الكوفة الري وأذربيحان، وكان يرابط بها عشرة آلاف مقاتل؛ ستة آلاف بأذربيجان، وأربعة آلاف بالري، وكان جيش الكوفة العامل أربعين ألف مقاتل، يغزو كل عام منهم عشرة آلاف، فيصيب الرجل غزوة كل أربعة أعوام. ولما أخلص عثمان  الكوفة للوليد ابن عقبة انتفض أهل أذربيجان، فمنعوا ما كانوا قد صالحوا عليه حذيفة بن اليمان أيام عمر، وثاروا على واليهم عقبة بن فرقد، فأمر عثمان الوليد أن يغزوهم، فجهز لهم قائده سليمان بن ربيعة الباهلي، وبعثه مقدمة أمامه في طائفة من الجند، ثم سار الوليد بعده في جماعة من الناس، فأسرع إليه أهل أذربيجان طالبين الصلح على ما كانوا صالحوا عليه حذيفة، فأجابهم الوليد وأخذ طاعتهم، وبث فيمن حولهم السرايا وشن عليهم الغارات، فبعث عبد الله بن شبيل الأحمسي في أربعة آلاف إلى أهل موقان والببر الطيلسان، فأصاب من أموالهم وغنم وسبي، ولكنهم تحرزوا منه فلم يفلّ حدَّهم، ثم جهز سليمان الباهلي في اثني عشر ألفا إلى أرمينية فأخضعها وعاد منها مليء اليدين بالغنائم، وانصرف الوليد بعد ذلك عائدا إلى الكوفة.( )
ولكن أهل أذربيجان تمردوا أكثر من مرة، فكتب الأشعث بن قيس والي أذربيجان إلى الوليد بن عقبة فأمده بجيش من أهل الكوفة، وتتبع الأشعث الثائرين وهزمهم هزيمة منكرة، فطلبوا الصلح فصالحهم على صلحهم الأول، وخاف الأشعث أن يعيدوا الكَرَّة فوضع حامية من العرب وجعل لهم عطايا وسجلهم في الديوان، وأمرهم بدعوة الناس إلى الإسلام. ولما تولى أمرهم سعيد بن العاص عاد أهل أذربيجان وتمردوا على الوالي الجديد، فبعث إليه جرير بن عبد الله البجلي فهزمهم وقتل رئيسهم، ثم استقرت الأمور بعد أن أسلم أكثر شعبها وتعلموا القرآن الكريم. وأما الري فقد صدر أمر الخليفة عثمان إلى أبي موسى الأشعري وفي وقت ولايته على الكوفة، وأمره بتوجيه جيش إليها لتمردها، فأرسل إليها قريظة بن كعب الأنصاري فأعاد فتحها( ).
****: مشاركة أهل الكوفة في إحباط تحركات الروم:
عندما انتهى الوليد بن عقبة من مهمته في أذربيجان وعاد إلى الموصل جاءه أمر من الخليفة عثمان نصه: (أما بعد، فإن معاوية بن أبي سفيان كتب إليَّ يخبرني أن الروم قد أجلبت( ) على المسلمين بجموع عظيمة، وقد رأيت أن يمدهم إخوانهم من أهل الكوفة، فإذا أتاك كتابي هذا فابعث رجلا ممن ترضى نجدته وبأسه وشجاعته وإسلامه في ثمانية آلاف أو تسعة آلاف أو عشرة آلاف إليهم من المكان الذي يأتيك فيه رسولي( )، والسلام). فقام الوليد في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد أيها الناس، فإن الله قد أبلى المسلمين في هذا الوجه بلاء حسنا، ورد عليهم بلادهم التي كفرت، وفتح بلادا لم تكن افتتحت، وردهم سالمين غانمين مأجورين، فالحمد لله رب العالمين. وقد كتب إليَّ أمير المؤمنين يأمرني أن أندب منكم ما بين العشرة آلاف إلى الثمانية آلاف، تمدون إخوانكم من أهل الشام، فإنهم قد جاشت عليهم الروم، وفي ذلك الأجر العظيم والفضل المبين. فانتدبوا رحمكم الله مع سلمان بن ربيعة الباهلي، فانتدب الناس، فلم يمضِ ثالثة حتى خرج ثمانية آلاف رجل من أهل الكوفة، فمضوا حتى دخلوا وأهل الشام إلى أرض الروم، وعلى جند أهل الشام حبيب بن مسلمة بن خالد الفهري، وعلى جند أهل الكوفة سلمان بن ربيعة الباهلي، فشنوا الغارات على أرض الروم، فأصاب الناس ما شاءوا من سبي، وملأوا أيديهم من المغنم، وافتتحوا بها حصونا كثيرة.( ) وفي جهاد الوليد وغزوه يقول بعض الرواة: رأيت الشعبي جلس إلى محمد بن عمرو بن الوليد بن عقبة، فذكر محمد غزوة مسلمة بن عبد الملك، فقال الشعبي: كيف لو أدركتم الوليد وغزوه وإمارته؟ إن كان ليغزو فينتهي إلى كذا وكذا ما قصر ولا انتقض عليه أحد حتى عزل من عمله( ).
****: غزوة سعيد بن العاص طبرستان 30 هـ:
غزا سعيد بن العاص من الكوفة سنة ثلاثين يريد خراسان ومعه حذيفة بن اليمان وناس من أصحاب رسول الله ×، ومعه الحسن والحسين, وعبد الله بن عباس, وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وخرج عبد الله بن عامر من البصرة

يريد خراسان، فسبق سعيدا ونزل أبرشهر، وبلغ نزوله أبرشهر سعيدا، فنزل سعيد قوميس، وهي صلح، صالحهم حذيفة بعد نهاوند، فأتى جرجان فصالحوه على مائتي ألف، ثم أتى طميسة، وهي كلها من طبرستان جرجان، وهي مدينة على ساحل البحر، وهي في تخوم جرجان، فقاتله أهلها حتى صلى صلاة الخوف، فقال لحذيفة: كيف صلى رسول الله ×؟ فأخبره فصلى بها سعيد صلاة الخوف وهم يقتتلون، وضرب يومئذ سعيد رجلا من المشركين على حبل عاتقه، فخرج السيف من تحت مرفقه، وحاصرهم, فسألوا الأمان فأعطاهم على ألا يقتل منهم رجلا واحدا، ففتحوا الحصن، فقتلهم جميعا إلا رجلا واحدا، وحوى ما كان في الحصن، فأصاب رجل من بني نهد سفطا عليه قفل، فظن فيه جواهر، وبلغ سعيدا، فبعث إلى النهدي فأتاه بالسفط فكسروا قفله، فوجدوا فيه سفطا ففتحوه فإذا فيه خرقة صفراء وفيها أيران: كميت وورد.( ) وعندما قفل سعيد إلى الكوفة، مدحه كعب بن جعبل فقال:
فنعم الفتى إذا جال جيلان دونه
وإذا هبطوا من دستبي ثم أبهرا

تعلم سعيد الخير أن مطيتي
إذا هبطت أشفقت مِنْ أن تُعْقرا

كأنك يوم الشعب لَيْث خفَّية
تحرَّدَ من ليث العرين وأصْحَرَا

تسوس الذي ما ساس قبلك واحد
ثمانين ألفا دارعين وحُسَّرا( )

****: هروب ملك الفرس (يزدجرد) إلى خراسان:
قدم ابن عامر البصرة ثم خرج إلى فارس فافتتحها، وهرب يزدجرد من وجوز -وهي أردشير خرة- في سنة ثلاثين، فوجه ابن عامر في أثره مجاشع بن مسعود السلمي، فاتبعه إلى كرمان، فنزل مجاشع السيرجان بالعسكر, وهرب يزدجرد إلى خراسان( ).
****: مقتل يزدجرد ملك الفرس 31 هـ:
اختلف في سبب ذكر قتله كيف كان، قال ابن إسحاق: هرب يزدجرد من كرمان في جماعة يسيرة إلى مرو، فسأل من بعض أهلها مالا فمنعوه وخافوه على أنفسهم، فبعثوا إلى الترك يستفزونهم عليه، فأتوه فقتلوا أصحابه، وهرب هو حتى أتى منزل رجل ينقر الأرحاء( ) على شط المرغاب( ) فأوى إليه ليلا، فلما نام قتله.( )

وجاء في رواية عند الطبري: بل سار يزدجرد من كرمان قبل ورود العرب إياها، فأخذ على طريق الطبسين وقهمستان، حتى شارف مرو في زهاء أربعة آلاف رجل، ليجمع من أهل خراسان جموعا، ويكر إلى العرب ويقاتلهم، فتلقاه قائدان متباغضان متحاسدان كانا بمرو، يقال لأحدهما براز والآخر سنجان، ومنحاه الطاعة، وأقام بمرو، وخص براز فحسده ذلك سنجان، وجعل براز يبغي سنجان الغوائل، ويوغل صدر يزدجرد عليه، وسعى سنجان حتى عزم على قتله، وأفشى ما كان عزم عليه من ذلك إلى امرأة من نسائه كان براز واطأها، فأرسلت إلى براز بنسوة زعمت بإجماع يزدجرد على قتل سنجان، وفشا ما كان عزم عليه يزدجرد من ذلك، فنذر( ) سنجان وأخذ حذره، وجمع جمعا كنحو أصحاب براز، ومن كان مع يزدجرد من الجند، وتوجه نحو القصر الذي كان يزدجرد نازله، وبلغ ذلك براز، فنكص عن سنجان لكثرة جموعه، ورعب جمع سنجان يزدجرد وأخافه، فخرج من قصره متنكرا، ومضى على وجهه راجلا لينجو بنفسه، فمشى نحو من فرسخين حتى وقع إلى رحا فدخل بيت الرحا فجلس فيه كالا( ) لغبا( )، فرآه صاحب الرحا ذات هيئة وطرة وبرزة كريمة، ففرش له، فجلس وأتاه بطعام فطعم، ومكث عنده يوما وليلة، فسأله صاحب الرحا أن يأمل له بشيء فبذل له منطقه مكللة بجوهر كانت عليه، فأبى صاحب الرحا أن يقبلها، وقال: إنما كان يرضيني من هذه المنطقة أربعة دراهم كنت أطعم بها وأشرب، فأخبره أنه لا ورق معه، فتملقه صاحب الرحا حتى إذا غفا قام إليه بفأس له فضرب بها هامته فقتله، واحتز رأسه وأخذ ما كان عليه من ثياب ومنطقه, وألقى جيفته في النهر الذي كان تدور بمائه رحاه وبقر بطنه، وأدخل فيه أصولا من أصول طرفاء( ) كانت نابتة في ذلك النهر لتجس جثته في الموضع الذي ألقاه فيه، فلا يسفل فيعرف ويطلب قاتله، وما أخذ من سلبه, وهرب على وجهه.( ) وجاء في رواية: وجاءت الترك في طلبه فوجدوه قد قتله وأخذ حاصله، فقتلوا ذلك الرجل وأهل بيته، وأخذوا ما كان مع كسرى، ووضعوا كسرى في تابوت وحملوه
إلى اصطخر( ).
وقد ذكر الطبري حديثين مطولين، وأحدهما أطول من الآخر

يتضمن ضروبا من الاضطرابات تقلب فيها، وأنواعا من الدوائر دارت عليه حتى كانت منيته آخرها.( ) وقد قال يزدجرد لمن أراد قتله في بعض الروايات ألا يقتلوه وقال لهم: ويحكم، إنا نجد في كتبنا أن من اجترأ على قتل الملوك عاقبه الله بالحريق في الدنيا، مع ما هو قادم عليه، فلا تقتلوني وائتوا بي إلى الدهقان، أو سرحوني إلى العرب فإنهم يستحيون مثلي من الملوك.( ) وكان مُلْك يزدجرد عشرين سنة منها أربعة سنين في دعة، وباقي ذلك هاربا من بلد إلى آخر، خوفا من الإسلام وأهله، وهو آخر ملوك الفرس في الدنيا على الإطلاق.( ) فسبحان ذي العظمة والملكوت، الملك الحق الحي الدائم الذي لا يموت، لا إله إلا هو، كل شيء هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون.( ) وقد قال رسول الله × في ملوك الفرس والروم: «إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله». ( )


****: فتوحات عبد الله بن عامر 31 هـ:
في هذه السنة 31 هـ شخص عبد الله بن عامر إلى خراسان ففتح أبرشهر وطوس وبيورد ونسا حتى بلغ سرخس، وصالح فيها أهل مرو. وقد جاء في رواية عن السكن بن قتادة العُريني قال: فتح ابن عامر فارس ورجع إلى البصرة، واستعمل على إصطخر شريك بن الأعور الحارثي، فبنى شريك مسجد إصطخر، فدخل على ابن عامر رجل من بني تميم كنا نقول: إنه الأحنف -ويقال: أوس بن جابر الجشمي جُشَم تميم- فقال له: إن عدوك منك هارب، وهو لك هائب، والبلاد واسعة، فسِرْ فإن الله ناصرك ومعز دينه، فتجهز ابن عامر، وأمر الناس بالجهاز للمسير، واستخلف على البصرة زيادا، وسار إلى كرمان، ثم أخذ إلى خراسان؛ فقوم يقولون: أخذ طريق أصبهان، ثم سار إلى خراسان، واستعمل على كرمان مجاشع بن مسعود السلمي، وأخذ ابن عامر على مفازة وابَر، وهي ثمانون فرسخا، ثم سار إلى الطَّبَسين يريد أبرشهر، وهي مدينة نيسابور، وعلى مقدمته الأحنف

بن قيس، فأخذ إلى قُهستان، وخرج إلى أبرشهر فلقيه الهباطلة، وهم أهل هراة، فقاتلهم الأحنف فهزمهم، ثم أتى ابن عامر نيسابور.( )
وجاء في رواية: نزل ابن عامر على أبرشهر فغلب على نصفها

عنوة، وكان النصف الآخر في يد كناري، ونصف نساوطوس، فلم يقدر ابن عامر أن يجوز إلى مرو، فصالح كنارى، فأعطاه ابنه أبا الصلت ابن كنارى وابن أخيه سليمًا رهنًا. ووجه عبد الله بن خازم إلى هراة، وحاتم بن النعمان إلى مرو، وأخذ ابن عامر ابني كنارى، فصار إلى النعمان بن الأفقم النصري فأعتقهما( )، وفتح ابن عامر ما حول مدينة أبرشهر، كطوس وبيورد، ونسا وحمران، حتى انتهى إلى سرخس، وسرح ابن عامر الأسود بن كلثوم العدوي -عدى الرباب- إلى ببهق وهو من أبرشهر، بينهما وبين أبرشهر ستة عشر فرسخا، ففتحها وقتل الأسود بن كلثوم، وكان فاضلا في دينه، وكان من أصحاب عامر بن عبد الله العنبري. وكان عامر يقول بعدما أخرج من البصرة: ما آسى من العراق على شيء إلا على ظماء الهواجر، وتجاوب المؤذنين، وإخوان مثل الأسود بن كلثوم.( ) واستطاع ابن عامر أن يتغلب على نيسابور، وخرج إلى سرخس، فأرسل إلى أهل مرو يطلب الصلح، فبعث إليهم ابن عامر حاتم بن النعمان الباهلي، فصالح براز مرزبان مرو على ألفي ألف ومائتي ألف( ).
****: غزوة الباب وبلنجر سنة 32هـ:
كتب عثمان بن عفان  إلى سعيد بن العاص: أن اغزُ سلمان الباب، وكتب إلى عبد الرحمن بن ربيعة وهو على الباب: أن الرعية قد أبطر كثيرا منهم البطنة، فقصر، ولا تقتحم بالمسلمين، فإني خاشٍ أن يبتلوا، فلم يزجر ذلك عبد الرحمن عن غايته، وكان لا يقصر عن بلنجر، فغزا سنة تسع من إمارة عثمان حتى إذا بلغ بلنجر حصروها ونصبوا عليها المجانيق والعرادات( )، فجعل لا يدنو منها أحد إلا أعنتوه أو قتلوه، فأسرعوا في الناس( )، ثم إن الترك اتعدوا يوما فخرج أهل بلنجر، وتوافت إليهم الترك فاقتتلوا، فأصيب عبد الرحمن

بن ربيعة (وكان يقال له ذو النورين)، وانهزم المسلمون فتفرقوا، فأما من أخذ طريق سلمان بن ربيعة فحماه حتى خرج من الباب، وأما من أخذ طريق الخزر وبلادها فإنه خرج على جيلان وجرجان وفيهم سلمان الفارسي وأبو هريرة، وأخذ القوم جسد عبد الرحمن فجعلوه في سفط فبقى في أيديهم، فهم يستسقون به إلى اليوم ويستنصرون به.( )



****: فتوحات ابن عامر سنة 32 هـ:
وفيها فتح ابن عامر مرو الروذ، والطالقان والفارياب، والجوزجان، وطخارستان؛ فقد بعث ابن عامر الأحنف بن قيس إلى مرو روذ فحصر أهلها، فخرجوا إليهم فقاتلوهم، فهزمهم المسلمون حتى اضطروهم إلى حصنهم فأشرفوا عليه، قال: يا معشر العرب، ما كنتم عندنا كما نرى، ولو علمنا أنكم كما نرى لكانت لنا ولكم حال غير هذه، فأمهلونا ننظر يومنا، وارجعوا إلى عسكركم، فرجع الأحنف، فلما أصبح غاداهم وقد أعدوا له الحرب، فخرج رجل من العجم معه كتاب من المدينة، فقال: إني رسول فأمنوني، فأمنوه، فإذا رسول من مرزبان مرو ابن أخيه وترجمانه، وإذا كتاب المرزبان إلى الأحنف، فقرأ الكتاب، قال: فإذا هو إلى أمير الجيش، إنا نحمد الله الذي بيده الدول، يغير ما شاء من الملك، ويرفع من شاء بعد الذلة، ويضع من شاء بعد الرفعة، إنه دعاني إلى مصالحتك وموادعتك ما كان من إسلام جدي، وما كان رأي من صاحبكم من الكرامة والمنزلة، فمرحبا بكم وأبشروا، وأنا أدعوكم إلى الصلح فيما بينكم وبيننا، على أن أؤدي إليكم خراجا ستين ألف درهم، وأن تقروا بيدي ما كان ملك الملوك كسرى أقطع جد أبي حيث قتل الحية التي أكلت الناس، وقطعت السبيل من الأرضين والقرى بما فيها من الرجال، ولا تأخذوا من أحد من أهل بيتي شيئا من الخراج، ولا تخرج المرزبة( ) من أهل بيتي إلى غيركم، فإن جعلت ذلك لي خرجت إليك، وقد بعثت إليك ابن أخي ماهك ليستوثق منك.
فكتب إليه الأحنف: بسم الله الرحمن الرحيم، من صخر بن قيس أمير الجيش إلى باذان مرزبان مرو روذ ومن معه من الأساورة

والأعاجم، سلام على من اتبع الهدى، وآمن واتقى، أما بعد: فإن ابن أخيك ماهك قدم عليَّ، فنصح لك جهده، وأبلغ عنك، وقد عرضت ذلك على من معي من المسلمين, وأنا وهم فيما عليك سواء، وقد أجبناك إلى ما سألت وعرضت على أن تؤدي على أكرَتِك( ) وفلاحيك والأرضين التي ذكرت أن كسرى الظالم لنفسه أقطع جد أبيك لما كان من قتله الحية التي أفسدت الأرض وقطعت السبيل، والأرض لله ولرسوله يورثها من يشاء من عباده، وإن عليك نصرة المسلمين

وقتال عدوهم بمن معك من الأساورة، إن أحب المسلمون ذلك وأرادوه، وإن لك على ذلك نصرة المسلمين على من يقاتل من وراءك من أهل ملتك, جار لك بذلك مني كتاب يكون لك بعدي، ولا خراج عليك ولا على أحد من أهل بيتك من ذوي الأرحام، وإن أنت أسلمت واتبعت الرسول كان لك من المسلمين العطاء والمنزلة والرزق وأنت أخوهم، ولك بذلك ذمتي وذمة أبي وذمم المسلمين وذمم آبائهم، شهد على ما في هذا الكتاب جزء بن معاوية، أو معاوية بن جزء السعدي، وحمزة بن الهرماس, وحميد بن الخيار المازنيان، وعياض بن ورقاء الأسيدي، وكتب كيسان مولى بني ثعلبة يوم الأحد من شهر المحرم، وختم أمير الجيش الأحنف بن قيس، ونقش خاتم الأحنف نعبد الله( ).
****: القتال بين جيش الأحنف وأهل طخارستان والجوزجان والطالقان والفارياب:
صالح ابن عامر أهل مرو، وبعث الأحنف في أربعة آلاف إلى طخارستان فأقبل حتى نزل موضع قصر الأحنف من مرو روذ، وجمع له أهل طخارستان، وأهل الجوزجان والطالقان والفارياب، فكانوا ثلاثة زحوف، ثلاثين ألفا، وأتى الأحنف خبرهم وما جمعوا له، فاستشار الناس فاختلفوا فبين قائل: نرجع إلى مرو، وقائل: نرجع إلى أبرشهر، وقائل: نقيم نستمد، وقائل: نلقاهم فنناجزهم، فلما أمسى الأحنف خرج يمشي في العسكر، ويستمع حديث الناس، فمر بأهل خباء ورجل يوقد تحت خزيرة( ), أو يعجن، وهم يتحدثون ويذكرون العدو، فقال بعضهم: الرأي للأمير أن يسير إذا أصبح، حتى يلقى القوم حيث لقيهم، فإنه أرعب لهم فيناجزهم، فقال صاحب الخزيرة أو

العجين: إن فعل ذلك فقد أخطأ وأخطأتم، أتأمرونه أن يلقى حد العدو مصحرا في بلادهم، فيلقى جمعا كثيرا بعدد قليل، فإن جالوا جولة اصطلمونا( )، ولكن الرأي له أن ينزل بين المرغاب والجبل، فيجعل المرغاب عن يمينه والجبل عن يساره، فلا يلقاه من عدوه وإن كثروا إلا عدد أصحابه، فرجع الأحنف وقد اعتقد ما قال فضرب عسكره، وأقام فأرسل إليه أهل مرو يعرضون عليه أن يقاتلوا معه، فقال: إني أكره أن أستنصر بالمشركين، فأقيموا على ما أعطيناكم وجعلنا بيننا وبينكم، فإن ظفرنا فنحن على ما جعلنا لكم وإن ظفروا بنا وقاتلوكم فقاتلوا عن أنفسكم، فوافق المسلمين صلاة العصر، فعاجلهم

المشركون فناهضوهم، فقاتلوهم وصبر الفريقان حتى أمسوا والأحنف يتمثل بشعر ابن جُؤيَّة الأعرجي:
أحقُّ من لم يكره المنية
حزوَّرٌ( ) ليس له ذرية( )

وجاء في رواية: فقاتلهم حتى ذهب عامة الليل ثم هزمهم الله، فقتلهم المسلمون حتى انتهوا إلى رَسْكن -وهي على اثنى عشر فرسخا من قصر الأحنف-. وكان مرزبان مرو روذ قد تربص بحمل ما كانوا صالحوه عليه، لينظر ما يكون من أمرهم، فلما ظفر الأحنف سرح رجلين إلى المرزبان، وأمرهما ألا يكلماه حتى يقبضاه, ففعلا، فعلم أنهم لم يصنعوا ذلك به إلا وقد ظفروا، فحمل ما كان عليه( ), وبعث الأحنف الأقرع بن حابس في جريدة خيل( ) إلى الجوزجان حيث بقية كانت بقيت من الزحوف الذين هزمهم الأحنف، فقاتلهم فجال المسلمون جولة فقتل فرسان من فرسانهم، ثم أظفر الله المسلمين بهم فهزموهم وقتلوهم، فقال كُثير النهشلي:
سقى مزنُ السحاب إذا استهلت( )
مصارع فتية بالجوزجان

إلى القصرين من رُسْتاق خُوط
أقادهم هناك الأقرعان( )

****: هزيمة قارِن في خراسان.
لما رجع ابن عامر من الغزو استخلف قيس بن الهيثم على خراسان، فأقبل قارن في جمع من الترك، أربعين ألفا، فالتقاه عبد الله

بن خازم السلمي في أربعة آلاف، وجعل لهم مقدمة ستمائة رجل، وأمر كلا منهم أن يجعل على رأس رمحه نارا، وأقبلوا إليهم في وسط الليل فبيتوهم فثاروا إليهم, فناوشتهم المقدمة، فاشتغلوا بهم وأقبل عبد الله بن خازم بمن معه من المسلمين فأحاطوا بهم، فولى المشركون مدبرين، واتبعهم المسلمون يقتلون من شاءوا وقتل قارن فيمن قتل، وغنموا سبيًا كثيرا، وأموالا جزيلة، ثم بعث عبد الله بن خازم بالفتح إلى ابن عامر، فرضي عنه وأقره على خراسان، وذلك أنه كان قد احتال على الوالي السابق قيس بن الهيثم السلمي حتى أخرجه من خراسان، ثم تولى حرب قارن، فلما هزمه وغنم عسكره، رضي عليه ابن عامر، وأقره على ولاية خراسان( ).

وهكذا تصدى الخليفة الراشد عثمان لحركات التمرد في المشرق، وواصل فتوحاته، ولم تفتّ تلك الثورات في عضد المسلمين، ولم تنل من عزم الخليفة الذي كان كُفئًا لها؛ حيث واجهها بالعزم والرأي والسرعة في تصريف الأمور، وتسيير النجدات، وإسناد كل عمل إلى من يحسنه كما يظهر من تتبع الأحداث في تاريخ الطبري وابن كثير والكلاعي، بما لا يدع شكًا في أن اختيار عثمان للقادة الذين قاموا بهذه الانتصارات وتطويق هذه القلاقل كان اختيارا موفقا، مع العلم أن أعباء الجهاد كانت أشق وأكبر وأحوج إلى التوجيه؛ لامتداد خطوط القتال، وتعدد الفتن، وتباعد المسافات بين البلدان.
إن علاج تلك المعضلات التي فاجأت عثمان  بعد ولايته، وتصدى لها بالعزم والسداد والسرعة والحيطة والأناة لدليل على قوة شخصيته ونفاذ بصيرته، وكان له بعد ذلك أكبر الفضل -بعد الله- في تثبيت مهابة الدولة بعدما أصابها من الوهن والتخلخل عند مقتل عمر ، وكانت ثمرات تلك الوقفات الرائعة:
أ- إخضاع المتمردين وإعادة سلطة المسلمين عليهم.
ب- ازدياد الفتوحات الإسلامية إلى ما وراء البلاد المتمردة؛ منعا لارتداد الهاربين إليها، وانبعاث الفتن والدسائس من قِبَلها.
ج- اتخاذ المسلمين قواعد ثابتة يرابط فيها المسلمون لحماية البلاد التي خضعت للمسلمين.
فهل كانت تلك الفتوحات العظيمة والسياسة الحكيمة والضبط

للأقاليم يمكن أن تتحقق لو كان عثمان  ضعيفا غير قادر على اتخاذ القرار( ), كما يزعم من وقع وتورط في روايات الرفض والتشيع والاستشراق، ومن سار على نهجهم السقيم؟!!.


خامس عشر: من قادة فتح بلاد المشرق في عهد عثمان:
المبحث الثاني
الفتوحات في الشــــــــــام
****: فتوحات حبيب بن مسلمة الفهري:
****: غزوة قبرص:
أعد معاوية المراكب اللازمة لحمل الجيش الغازي، واتخذ ميناء عكا مكانا للإقلاع، وكانت المراكب كثيرة وحمل معه زوجه فاختة بنت قرظة، كذلك حمل عبادة بن الصامت امرأته أم حرام بنت ملحان معه في تلك الغزوة( ).
وأم حرام هذه هي صاحبة القصة المشهورة، عن أنس بن مالك  أن رسول الله × كان يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله × يوما فأطعمته، ثم جلست تفلي من رأسه, فنام رسول الله × ثم استيقظ وهو يضحك فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: «ناس من أمتي عرضوا عليَّ غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة» قالت: فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها، ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: «ناس من أمتي عرضوا علي في سبيل الله» كما قال في الأولى، قالت: قلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فقال: «أنت من الأولين» فركبت أم حرام بنت ملحان البحر في زمن معاوية، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت( ).
ورغم أن معاوية  لم يجبر الناس على الخروج، فقد خرج معه جيش عظيم من المسلمين( )، مما يدل على أن المسلمين قد هانت في

أعينهم الدنيا بما فيها، فأصبحوا لا يعبأون بها بالرغم من أنها قد فتحت عليهم أبوابها، فصاروا يرفلون في نعيمها.
إن المسلمين قد تربوا على أن ما عند الله خير وأبقى، وأن الله اصطفاهم لنصرة دينه وإقامة العدل ونشر الفضيلة، والعمل على إظهار دين الله على كل ما عداه، وهم يعتقدون أن هذه المهمة هي

رسالتهم الحقيقية، وأن الجهاد في سبيل الله هو سبيل الحصول على مرضاة الله، فإن هم قصروا في مهمتهم وقعدوا عن أداء واجبهم فيمسك الله عنهم نصره في الدنيا، ويحرمهم مرضاته في الآخرة، وذلك هو الخسران المبين. من أجل هذا هرعوا مع معاوية وتسابقوا إلى السفن يركبونها، ولعل حديث أم حرام قد ألم بخواطرهم فدفعهم إلى الخروج للغزو في سبيل الله تصديقا لحديث رسول الله ×، وكان ذلك بعد انتهاء فصل الشتاء في سنة ثمان وعشرين من الهجرة (649م) ( ).
وسار المسلمون من الشام وركبوا من ميناء عكا متوجهين إلى قبرص، ونزل المسلمون إلى الساحل، تقدمت أم حرام لتركب دابتها، فنفرت الدابة وألقت أم حرام على الأرض فاندقت عنقها فماتت.( ) وترك المسلمون أم حرام بعد دفنها في أرض الجزيرة عنوانا على مدى التضحيات التي قدمها المسلمون في سبيل نشر دينهم، وعرف قبرها هناك بقبر المرأة الصالحة( ).
واجتمع معاوية بأصحابه وكان فيهم: أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري، وأبو الدرداء، وأبو ذر الغفاري، وعبادة بن الصامت، وواثلة بن الأسقع، وعبد الله بن بشر المازني، وشداد ابن أوس بن ثابت، والمقداد بن الأسود، وكعب الحبر بن ماتع، وجبير بن نفير الحضرمي( )، وتشاوروا فيما بينهم وأرسلوا إلى أهل قبرص يخبرونهم أنهم لم يغزوهم للاستيلاء على جزيرتهم( )، ولكن أرادوا دعوتهم لدين الله ثم تأمين حدود الدولة الإسلامية بالشام؛ وذلك لأن البيزنطيين كانوا يتخذون من قبرص محطة يستريحون فيها إذا غزوا

ويتموَّنون منها إذا قل زادهم، وهي بهذه المثابة تهدد بلاد الشام الواقعة تحت رحمتها، فإذا لم يطمئن المسلمون على مسالمة هذه الجزيرة لهم وخضوعها لإرادتهم فإن وجودها كذلك سيظل شوكة في ظهورهم وسهما مسددا في حدودهم، ولكن سكان الجزيرة لم يستسلموا للغزاة ولم يفتحوا لهم بلادهم، بل تحصنوا في العاصمة ولم يخرجوا لمواجهة المسلمين، وكان أهل الجزيرة ينتظرون تقدم الروم للدفاع عنهم، وصد هجوم المسلمين عليها( ).

****: الاستسلام وطلب الصلح:
تقدم المسلمون إلى عاصمة قبرص (قسطنطينا) وحاصروها، وما هي إلا ساعات حتى طلب الناس الصلح، وأجابهم المسلمون إلى الصلح، وقدموا للمسلمين شروطًا واشترط عليهم المسلمون شروطا، وأما شرط أهل قبرص فكان في طلبهم ألا يشترط عليهم المسلمون شروطا تورطهم مع الروم؛ لأنهم لا قبل لهم بهم، ولا قدرة لهم على قتالهم، وأما
شروط المسلمين:
1- ألا يدافع المسلمون عن الجزيرة إذا هاجم سكانها محاربون.
2- أن يدل سكان الجزيرة المسلمين على تحركات عدوهم من الروم.
3- أن يدفع سكان الجزيرة للمسلمين سبعة آلاف ومائتي دينار في كل عام.
4- ألا يساعدوا الروم إذا حاولوا غزو بلاد المسلمين، ولا يطلعوهم على أسرارهم( ).
وعاد المسلمون إلى بلاد الشام، وأثبتت هذه الحملة قدرة المسلمين على خوض غمار المعارك البحرية بجدارة، وأعطت المسلمون فرصة المران على الدخول في معارك من هذا النوع مع العدو المتربص بهم سواء بالهجوم على بلاد الشام أم على الإسكندرية( ).
****: عبد الله بن قيس قائد الأسطول الإسلامي في الشام:
استعمل معاوية بن أبي سفيان على البحر عبد الله بن قيس الجاسي حليف بني فزارة، فغزا خمسين غزاة من بين شاتية وصائفة في

البحر، ولم يغرق فيه أحد ولم ينكب، وكان يدعو الله أن يرزقه العافية في جنده، وألا يبتليه بمصاب أحد منهم، ففعل، حتى إذا أراد أن يصيبه وحده خرج في قاربه طليعة، فانتهى إلى المرفأ من أرض الروم، وعليه سؤَّال يعترُّون( ) بذلك المكان، فتصدق عليهم، فرجعت امرأة من السؤَّال إلى قريتها، فقالت للرجال: هل لكم في عبد الله بن قيس؟ قالوا: وأين هو؟ قالت: في المرفأ، قالوا: أي عدوة الله، ومن أين تعرفين عبد الله بن قيس؟ فوبختهم وقالت: أنتم أعجز من أن يخفى عبد الله على أحد، فثاروا إليه، فهجموا عليه، فقاتلوه وقاتلهم، فأصيب

وحده، وأفلت الملاح حتى أتى أصحابه فجاءوا حتى أرقوا، والخليفة منهم سفيان بن عوف الأزدي، فخرج فقاتلهم، فضجر وجعل يعبث بأصحابه ويشتمهم، فقالت جارية عبد الله: واعبد الله، ما هكذا كان يقول حين يقاتل، فقال سفيان: وكيف كان يقول؟ قالت: الغمرات ثم ينجلينا، فترك ما كان يقول ولزم: الغمرات ثم ينجلينا، وأصيب في المسلمين يومئذ وذلك آخر زمان عبد الله بن قيس الجاسي( )، وقيل لتلك المرأة التي استثارت الروم على عبد الله بن قيس: كيف عرفته؟ قالت: كان كالتاجر، فلما سألته أعطاني كالملك، فعرفت أنه عبد الله بن قيس( ).
وهكذا حينما أراد الله تعالى أن يمن بالشهادة على هذا القائد العظيم أتيحت له وهو في وضع لا يضر بسمعة المسلمين البحرية؛ حيث كان وحده يتطلع ويراقب الأعداء، فكانت تلك الكائنة الغريبة التي أبصرت غورها تلك المرأة الذكية من نساء تلك البلاد؛ حيث رأت ذلك الرجل يظهر في مظاهره الخارجية بمظهر التجار العاديين، ولكنه يعطي عطاء الملوك، فلقد رأت فيه أمارات السيادة مع بساطة مظهره، فعرفت أنه قائد المسلمين الذي دوخ المحاربين في تلك البلاد، وهكذا كانت سماحة ذلك القائد وسخاؤه البارز حتى مع غير المسلمين سببا في كشف أمره، ومعرفة مركزه، ليقضي الله أمرا كان مفعولا، فيتم بذلك الهجوم عليه وظفره بالشهادة.
وهكذا يضرب قادة المسلمين المثل العليا بأنفسهم لتتم الإنجازات الكبرى على أيديهم، وليكونوا قدوة صالحة لمن يخلفهم؛ فقد قام هذا

القائد الملهم بمهمة الاستطلاع بنفسه ولم يكل الأمر إلى جنوده، وفي انفراده بهذه المهمة مظنة للتورط مع الأعداء والهلاك على أيديهم، ولكنه مع ذلك يغامر بنفسه فيتولى هذه المهمة، ثم نجده يتخلق بأخلاق الإسلام العليا حتى مع نساء الأعداء وضعفتهم، فيمد إليهم يد الحنان والعطف، ويسخو لهم بالمال الذي هو من أعز ما يملك الناس، ونجده قبل ذلك مع جنده رفيقا صبورا، لا معنفا ولا مستكبرا، وإذا ادلهمت الخطوب تفاءل بانكشاف الغمة ولم يلجأ إلى لوم أصحابه وتعنيفهم، ولم يهيمن عليه الارتباك الذي يفسد العمل، ويعجل بالخلل والفوضى، وأما خليفته سفيان الأزدي فلعله وقع فيما وقع فيه من الارتباك والاشتغال بطرح اللائمة على جنده لكونه حديث العهد بأمور القيادة،

ولكن مما يحفظ له أنه لما نبهته جارية عبد الله بن قيس إلى ذلك الأسلوب الحكيم الذي كان أميره ينتهجه في القيادة سارع في التأسي به في ذلك، ولم يحمله التكبر على عدم سماع كلمة الحق وإن صدرت من جارية مغمورة. وهذا مثل من أمثلة التجرد من هوى النفس، هذا الخلق العظيم الذي كان غالبا في الجيل الأول، وبه تم إنجاز الفتوحات العظيمة ونجاح الولاة والقادة في إدارة الأمة، فلله در أبناء ذلك الجيل: ما أبلغ ذكرهم، وما أبعد غورهم، وما أعظم وطأتهم في الأرض على الجبارين، وما أعذب لمساتهم في الأرض على المستضعفين والمساكين.( )



المبحث الثالث
فتوحات الجبهة المصــــــــــرية
****: ردع المتمردين في الإسكندرية:
كبر على الروم خروج الإسكندرية من أيديهم، وظلوا يتحينون الفرص لإعادتها إلى حوزتهم، فراحوا يحرضون مَنْ بالإسكندرية مِنَ الروم على التمرد والخروج على سلطان المسلمين؛ ذلك لأن الروم كانوا يعتقدون أنهم لا يستطيعون الاستقرار في بلادهم بعد خروج الإسكندرية من ملكهم.( ) وصادف تحريض الروم لأهل الإسكندرية هوى في نفوس سكانها فاستجابوا للدعوة، وكتبوا إلى قسطنطين بن هرقل يخبرونه بقلة عدد المسلمين ويصفون له ما يعيش فيه الروم بالإسكندرية من الذل والهوان.( ) وكان عثمان  قد عزل عمرو بن العاص عن مصر، وولى مكانه عبد الله بن سعد بن أبي السرح، وفي أثناء ذلك وصل منويل الخصى قائد قوات الروم إلى الإسكندرية لإعادتها وتخليصها من يد المسلمين، ومعه قوات هائلة يحملهم في ثلاثمائة مركب مشحونة بكل ما يلزم هذه القوات من
السلاح والعتاد( ).
علم أهل مصر بأن قوات الروم قد وصلت إلى الإسكندرية، فكتبوا إلى عثمان يلتمسون إعادة عمرو بن العاص ليواجه القوات الغازية فإنه أعرف بحربهم، وله هيبة في نفوسهم، فاستجاب الخليفة لطلب المصريين، وأبقى ابن العاص أميرا على مصر( )، ونهب منويل وجيشه الإسكندرية وغادروها بعد أن تركوها قاعا صفصفا, ليعيثوا فيما حولها من القرى ظلما وفسادا، وأمهلهم عمرو بن العاص ليمعنوا في الإفساد وليشعر المصريون بالفرق الهائل بين حكامهم من المسلمين وحكامهم من الروم، ولتمتلئ قلوب المصريين على الروم حقدا وغضبا فلا يكون لهم من حبهم والعطف عليهم أدنى حظ، وخرج منويل بجيشه من الإسكندرية يقصد مصر السفلى دون أن يخرج إليهم عمرو أو يقاومهم أحد، وتخوف بعض أصحابه, وعمرو كان له رأي آخر، فقد كان يرى أن يتركهم يقصدونه، ولا شك أنهم سينهبون أموال المصريين، وسيرتكبون من الحماقات في حقهم ما يملأ قلوبهم حقدا عليهم وغضبا منهم، فإذا نهض المسلمون لمواجهتهم

عاونهم المصريون على التخلص منهم، وحدد عمرو سياسته هذه بقوله: «دعهم يسيروا إليَّ، فإنهم يصيبون من مروا به، فيخزي بعضهم ببعض».( ) وقد صدق حدس عمرو، وأمعن الروم في إفسادهم ونهبهم وسلبهم، وضج المصريون من فعالهم، وأخذوا يتطلعون إلى من يخلصهم من شر هؤلاء الغزاة المفسدين.( )
وصل منويل إلى نقيوس، واستعد عمرو للقائه وعبأ جنده، وسار بهم نحو عدوه الشرس، وتقابل الجيشان عند حصن نقيوس على شاطئ نهر النيل، واستبسل الفريقان أيما استبسال، وصبر كل فريق صبرا أمام خصمه مما زاد الحرب ضراوة واشتعالا، ودفع بالقائد عمرو إلى أن يمعن في صفوف العدو، ويقدم فرسه بين فرسانهم، ويشهر سيفه بين سيوفهم، ويقطع به هامات الرجال وأعناق الأبطال، وأصاب فرسه سهم فقتله، فترجل عمرو وانضم إلى صفوف المشاة، ورآه المسلمون فأقبلوا على الحرب بقلوب كقلوب الأسود لا يهابون ولا يخافون قعقعة السيوف.( ) وأمام ضربات المسلمين وهنت عزائم الروم وخارت قواهم، فانهزموا أمام الأبطال الذين يريدون إحدى الحسنيين، وقصد الروم في فرارهم الإسكندرية لعلهم يجدون في حصونهم المنيعة وأسوارها الشاهقة ما يواري عنهم شبح الموت الذي يلاحقهم( ).
وخرج المصريون بعد أن رأوا هزيمة الروم يصلحون للمسلمين ما أفسده العدو الهارب من الطرق، ويقيمون لهم ما دمره من الجسور، وأظهر المصريون فرحتهم بانتصار المسلمين على العدو الذي انتهك حرماتهم واعتدى على أموالهم وممتلكاتهم، وقدموا للمسلمين ما ينقصهم من السلاح والمؤونة( ).
ولما وصل عمرو الإسكندرية ضرب عليهم الحصار ونصب عليها المجانيق وظل يضرب أسوار الإسكندرية حتى أوهنها، وألح عليها بالضرب حتى ضعف أهلها وتصدعت أسوارها وفتحت المدينة الحصينة أبوابها، ودخل المسلمون الإسكندرية وأعملوا سيوفهم في الروم يقتلون المقاتلين، ويأسرون النساء والذرية، وهرب من نجا من الموت لاجئين إلى السفن ليفروا بها عائدين من حيث أتوا، وكان منويل في عداد القتلى، ولم يكف المسلمون عن القتل والسبي حتى أمر عمرو بذلك لما توسط المسلمون المدينة، ولما لم يكن هناك من


يقاوم أو يتصدى لهم.( ) ولما فرغ المسلمون أمر عمرو ببناء مسجد في المكان الذي أوقف فيه القتال وسماه مسجد الرحمة.( )
وعادت إلى العاصمة العتيدة طمأنينتها، وعادت السكينة إلى قلوب المصريين فيها، فرجع إليها من كان قد فر منها أمام الزحف الرومي الرهيب، وعاد بنيامين بطريرك القبط إلى الإسكندرية بعد أن فر مع الفارين، وأخذ يرجو عمرو ألا يسيء معاملة القبط لأنهم لم ينقضوا عهدهم ولم يتخلوا عن واجبهم، ورجاه كذلك ألا يعقد صلحا مع الروم، وأن يدفنه إذا مات في كنيسة يحنس( ).
وجاء المصريون من كل حدب وصوب إلى عمرو يشكرونه على تخليصهم من ظلم الروم، ويطلبون منه إعادة ما نهبوا من أموالهم ودوابهم معلنين ولاءهم وطاعتهم، فقالوا: إن الروم قد أخذوا دوابنا وأموالنا ولم نخالف نحن عليكم وكنا على الطاعة، فطلب منهم عمرو أن يقيموا البينة على ما ادعوا، ومن أقام بينة وعرف من له بعينه رده( ) عليه، وهدم عمرو سور الإسكندرية، وكان ذلك في سنة 25 هـ. وأصبحت الإسكندرية آمنة من جهاتها كلها رغم هدم سورها، فقد كان شرقيها في قبضة المسلمين وكذلك جنوبها، وأما غربيها فقد أمنه عمرو بن العاص بفتح برقة وزويلة وطرابلس الغرب، وصالح أهل هذه البلاد على الجزية فكانوا يدفعونها طائعين، وأما شمالها فكان في قبضة الروم، وقد تلقوا درسا على يد المسلمين لم يترك لهم فرصة للتفكير في العودة، وحتى لو فكروا في العودة فهيهات أن يدخلوها وليس لهم فيها نصير ولا معين، وقوات المسلمين تراقب البحر بكل يقظة واهتمام( ).
****: فتح بلاد النوبة:
كان عمرو بن العاص قد شرع في فتح بلاد النوبة بإذن من الخليفة عمر، فوجد حربا لم يتدرب عليها المسلمون وهي الرمي بالنبال في أعين المحاربين حتى فقدوا مائة وخمسين عينا في أول معركة، ولهذا قبل الجيش الصلح, ولكن عمرو بن العاص رفض للوصول إلى شروط أفضل( )، وعندما تولى ابن سعد ولاية مصر غزا النوبة في عام إحدى وثلاثين هجرية فقاتله الأساود من أهل النوبة قتالا شديدا، فأصيبت يومئذ عيون كثيرة من المسلمين، فقال شاعرهم:
لم تر عين مثل يوم دُمقلة
والخيل تعدو بالدروع مثقلة( )

فسأل أهل النوبة عبد الله بن سعد المهادنة، فهادنهم هدنة بقيت إلى ستة قرون( )، وعقد لهم عقدا يضمن لهم استقلال بلادهم ويحقق للمسلمين الاطمئنان إلى حدودهم الجنوبية، ويفتح النوبة للتجارة والحصول على عدد من الرقيق في خدمة الدولة الإسلامية، وقد اختلط المسلمون بالنوبة والبجة، واعتنق كثير منهم الإسلام( ).
****: فتح إفريقية:
كان من مقاصد حملة عمرو بن العاص  لبرقة وطرابلس وبقية مناطق ليبيا، فتح البلاد وإزالة الطاغوت الروماني عن قلوب العباد حتى تتضح لهم السبل وتفترق لهم الطرق، وتصبح حرية الاختيار في متناول تلك الشعوب، بعد تلك الحملة المباركة التي كانت سببا في دخول ذلك النور إلى تلك المناطق المظلمة بعبادة الأصنام والتقرب إليها بالقرابين، واتخاذ الأنداد والأرباب من البشر من دونه سبحانه وتعالى، وإخراجهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. وعن حملة عبد الله بن سعد على إفريقية( ) يقول الدكتور صالح مصطفى: وفي سنة 26 هـ/646م عُزِل عمرو بن العاص  عن ولاية مصر، واستعمل عليها عبد الله بن سعد ، وكان عبد الله بن سعد يبعث جرائد الخيل كما كانوا يفعلون أيام عمرو بن العاص فيصيبون من أطراف إفريقية ويغنمون( )، وكانت جرائد الخيل تقصد إفريقية (تونس) تمهيدا لفتحها ومعرفة وضعها، فكان حال هذه الجرائد أشبه ما يكون بكتائب الاستطلاع التي تعتبر مقدمة الجيش وعيونه، فلما اجتمعت عند عبد الله بن سعد معلومات كافية عن إفريقية من ناحية مداخلها ومخارجها، وقوتها وعدادها، وموقعها الجغرافي الاستراتيجي كتب حينئذ إلى الخليفة الراشد عثمان بن عفان يخبره بهذه المعلومات الهامة عن إفريقية، يستأذن بناء على تلك المعلومات بفتحها، فكان له ما طلب. يقول الدكتور صالح مصطفى: ولما استأذن عبد الله بن سعد الخليفة عثمان بن عفان في غزو إفريقية، جمع الصحابة واستشارهم في ذلك، فأشاروا عليه بفتحها، إلا أبو الأعور سعيد بن زيد، الذي خالفه متمسكا برأي عمر بن الخطاب في ألا يغزو أفريقية أحد من المسلمين، ولما أجمع الصحابة على ذلك دعا عثمان

للجهاد، واستعدت المدينة -عاصمة الخلافة الإسلامية- لجميع المتطوعين وتجهيزهم، وترحيلهم إلى مصر لغزو إفريفية تحت قيادة عبد الله بن سعد. وقد ظهر الاهتمام بأمر تلك الغزوة جليا، وهذا يتضح من الذين خرجوا إليها من كبار الصحابة، ومن خيار شباب آل البيت، وأبناء المهاجرين الأوائل وكذلك الأنصار؛ فقد خرج في تلك الغزوة الحسن والحسين، وابن عباس وابن جعفر وغيرهم.
هذا وقد خرج من قبيلة مهرة وحدها في غزوة عبد الله بن سعد ستمائة رجل، ومن غنث سبعمائة رجل، ومن ميدعان سبعمائة رجل، وعندما بات الاستعداد تامًا خطب عثمان فيهم، ورغبهم في الجهاد، وقال لهم: لقد استعملت عليكم الحارث بن الحكم إلى أن تقدموا على عبد الله بن سعد فيكون الأمر إليه، وأستودعكم الله. ويقال: إن عثمان  قد أعان في هذه الغزوة بألف بعير يحمل عليها ضعفاء الناس، وعندما وصل هذا الجيش إلى مصر انضم إلى جيش عبد الله بن سعد، وتقدم من الفسطاط تحت قيادة عبد الله ذلك الجيش الذي يقدر بعشرين ألفا يخترق الحدود المصرية الليبية، وعندما وصلوا إلى برقة انضم إليهم عقبة بن نافع الفهري ومن معه من المسلمين، ولم يواجه الجيش الإسلامي أية صعوبات أثناء سيرهم في برقة؛ وذلك لأنها ظلت وفية لما عاهدت المسلمين عليه من الشروط زمن عمرو بن العاص، حتى إنه لم يكن يدخلها جابي الخراج، وإنما كانت تبعث بخراجها إلى مصر في الوقت المناسب. ومما يؤكد بقاء برقة على عهدها لعمرو بن العاص، ما ذكر أنه سمع يقول: قعدت مقعدي هذا، وما لأحد من قبط مصر علي عهد إلا أهل أنطابلس( )، فإن لهم عهدًا يوفي لهم به، كما أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يقول: ولولا مالي بالحجاز لنزلت برقة، فما أعلم منزلا أسلم ولا أعزل منها( ).
وهكذا انطلقت هذه الحملة المباركة نحو إفريقية, وكان ذلك بعد انضمام قوات عقبة بن نافع إليها، إلا أن عبد الله بن سعد قائد الحملة ما فتئ يرسل الطلائع والعيون في جميع الاتجاهات لاستكشاف الطرق وتأمينها ورصد تحركات العدو وضبطها؛ تحسبا لأي كمين أو مباغتة تطرأ على حين غفلة، فكان من نتائج تلك الطلائع الاستطلاعية أن تم رصد مجموعات من السفن الحربية تابعة للإمبراطورية الرومانية، حيث كانت هذه السفن الحربية قد رست في

ساحل ليبيا البحري بالقرب من مدينة طرابلس، فما هي إلا برهة من الزمن حتى كان ما تحمله هذه السفن غنيمة للمسلمين، وقد أسروا أكثر من مائة من أصحابها، وتعتبر هذه أول غنيمة ذات قيمة أصابها المسلمون في طريقهم لفتح إفريقية.( )
وواصل عبد الله بن سعد السير إلى إفريقيا، وبث طلائعه وعيونه في كل ناحية، حتى وصل جيشه إلى مدينة سبيطلة بأمان، وهناك التقى الجمعان؛ جيش المسلمين بقيادة عبد الله ابن سعد وجيش جرجير حاكم إفريقية، وكان تعداد جيشه يبلغ حوالي مائة وعشرين ألفا، وكان بين القائدين اتصالات مستمرة ورسائل متبادلة، فَحْوَاها عرض الدعوة الإسلامية على جرجير ودعوته للدخول في الإسلام، ويستسلم لأمر الله سبحانه، أو أن يدفع الجزية، ويبقى على دينه خاضعا لسيادة الإسلام، ولكن كل تلك العروض رفضها وأصر واستكبر هو وجنوده، وضاق الأمر بالمسلمين، ونشبت المعركة بين الجمعين وحمى الوطيس بينهما لعدة أيام، حتى وصل مدد بقيادة عبد الله بن الزبير، وكانت نهاية هذا المستكبر الطاغي جرجير على يديه( ).
ولما رأى الروم الذين بالساحل ما حل بجرجير وأهل سبيطلة، غارت أنفسهم وتجمعوا وكاتب بعضهم بعضا في حرب عبد الله بن سعد إياهم، فخافوه وراسلوه وجعلوا له جعلا على أن يرتحل بجيشه، وألا يعترضوه بشيء ووجهوا إليه ثلاثمائة قنطار من الذهب في بعض الروايات، وفي البعض الآخر مائة قنطار، جزية في كل سنة على أن يكف عنهم ويخرج من بلادهم، فقبل ذلك منهم وقبض المال، وكان في شرط صلحهم أن ما أصاب المسلمون قبل الصلح فهو لهم، وما أصابوه بعد الصلح رده عمر إن عبد الله بن الزبير قال لعبد الله بن سعد: إن أمرنا يطول مع هؤلاء وهم في أمداد متصلة وبلاد هي لهم ونحن منقطعون عن المسلمين وبلادهم، وقد رأيت أن نترك غدا جماعة صالحة من أبطال المسلمين في خيامهم متأهبين ونقاتل نحن الروم في باطن العسكر إلى أن يضجروا ويملوا, فإذا رجعوا إلى خيامهم ورجع المسلمون ركب من كان في الخيام من المسلمين ولم يشهدوا القتال وهم مستريحون ونقصدهم على غرة، فلعل الله ينصرنا عليهم، فأحضر جماعة من أعيان الصحابة واستشارهم فوافقوه على ذلك، فلما كان الغد فعل عبد الله ما اتفقوا عليه، وأقام جميع شجعان المسلمين في خيامهم وخيولهم عندهم مسرجة، ومضى الباقون فقاتلوا

الروم إلى الظهر قتالا شديدا، فلما أذن بالظهر همَّ الروم بالانصراف على العادة فلم يمكنهم ابن الزبير وألح عليهم بالقتال حتى أتعبهم، ثم عاد عنهم والمسلمون؛ فكل الطائفتين ألقى سلاحه ووقع تعبا، فعند ذلك أخذ عبد الله بن الزبير من كان مستريحا من شجعان المسلمين وقصد الروم فلم يشعروا بهم حتى خالطوهم وحملوا حملة رجل واحد وكبروا فلم يتمكن الروم من لبس سلاحهم حتى غشيهم المسلمون، وقتل جرجير، قتله ابن الزبير، وانهزم الروم وقتل منهم مقتلة عظيمة، وأخذت ابنة الملك جرجير سبية، ونازل عبد الله بن سعد المدينة وحاصرهم حتى فتحها، ورأى فيها من الأموال ما لم يكن في غيرها، فكان سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار وسهم الراجل ألف دينار.
ولما فتح عبد الله مدينة سبيطلة بث جيوشه في البلاد فبلغت قفصة فسبوا وغنموا، وسيِّر عسكرا إلى حصن الأجم، وقد احتمى به أهل تلك البلاد فحصرهم وفتحه بالأمان فصالحه أهل إفريقية كما مر معنا، ونفل عبد الله بن الزبير ابنة الملك وأرسله ابن سعد إلى عثمان بالبشارة بفتح إفريقية( ).

****: معركة ذات الصواري:
أصيب الروم بضربة حاسمة في إفريقية، وتعرضت سواحلهم للخطر بعد سيطرة الأسطول الإسلامي على سواحل المتوسط من ردوس حتى برقة، فجمع قسطنطين بن هرقل أسطولا بناه الروم من قبل، فخرج بألف سفينة لضرب المسلمين ضربة يثأر لها لخسارته المتوالية في البر، فأذن عثمان  لصد العدوان، فأرسل معاوية مراكب الشام بقيادة بسر بن أرطأة، واجتمع مع عبد الله بن سعد بن أبي السرح في مراكب مصر، وكانت كلها تحت أمرته، ومجموعها مائتا سفينة فقط، وسار هذا الجيش الإسلامي وفيه أشجع المجاهدين المسلمين ممن أبلوا في المعارك السابقة؛ فقد انتصر هؤلاء على الروم من قبل في معارك عديدة، فشوكة عدوهم في أنفسهم محطمة، لا يخشونه ولا يهابونه، على الرغم من قلة عدد سفنهم إذا قيست بعدد سفن عدوهم. خرج المسلمون إلى البحر وفي أذهانهم وقلوبهم إعزاز دين الله وكسر شوكة الروم، ولقد كان لهذه المعركة التاريخية أسباب، منها:
1- الضربات القوية التي وجهها المسلمون إلى الروم في إفريقية.
2- أصيب الروم في سواحلهم الشرقية والجنوبية بعد أن سيطر المسلمون بأسطولهم عليها.
3- خشية الروم من أن يقوى أسطول المسلمين فيفكروا في غزو القسطنطينية.
4- أراد قسطنطين بن هرقل استرداد هيبة ملكه بعد الخسائر المتتالية برًّا، وعلى شواطئه في بلاد الشام ومصر وساحل برقة.
5- كما أراد الروم خوض معركة ظنوا أنها مضمونة النتائج، كي تبقى لهم السيطرة في المتوسط، فيحافظوا على جزره، فينطلقوا منها للإغارة على شواطئ بلاد العرب.
6- محاولة استرجاع الإسكندرية بسبب مكانتها عند الروم، وقد ثبت تاريخيا مكاتبة سكانها لقسطنطي

زائر


زائر

جزاك الله خير

3بحث عن الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين Empty - الأحد ديسمبر 26, 2010 1:38 am

أحمد مسفر


عضو نشيط
عضو نشيط

مشكوور ما قصرت

سعيد علي

سعيد علي

مشكوؤر أخوي حسن
على بحووثك الأكثر من رائعة
وأتمنى لك التوفيق

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى